م: هذا صواب جيد، وأما تفرقته أولاً فلو عكس ذلك لكان أولى؛ لأن ما يُفعل واجبًا وتطوعًا يحتاج الواجب منه إلى نية تخلصه من التطوع، أصله الصلاة، وما لا يفعل إلا واجبًا لا يحتاج إلى نية؛ لأن النية لا تخلصه من غيره ولا تميزه.
م: والفرق بينهما: أن الطائف بلا نية قصد بطوافه القربة، وفعل فعل الطواف الواجب فأجزأته لذلك نية الإحرام بالحج، إذ لا يلزمه أن يجدد لكل ركن نية، كالصلاة، والمار بعرفة لم يفعل فعل الوقوف الواجب، ولا قصد بمروره قربة وإنما مر كمروره بها لحاجة، فلم يجزه، ولو فعل فعل الحاج: من جمع الصلاة، والوقوف بها، والدفع بعد الغروب بغير نية لأجزأ كالطواف، وكذلك لو قصد بمروره بها ليلاً القربة لأجزأه ذلك وإن لم تكن له نية، وإنما افترقت المسألتان لافتراق السؤال. والله أعلم.
ومن المدونة: قال ابن القاسم: ومن وقف على غير وضوء أو جنبًا من احتلام فقد أساء ولا شيء عليه، ووقوفه طاهر أحب إليّ وأفضل.
فصل [في الهدي الذي يجب أن يوقف به بعرفة]
قال سحنون: قلت لابن القاسم: أيّ هدي يجب علي أن أقف به بعرفة؟
قال: كل هدي لا يجوز لك أن تنحره إذا اشتريته في الحرم حتى تخرجه إلى الحل فتدخله الحرم، أو تشتريه من الحل فتدخله الحرم، فهذا الذي يوقف به بعرفة، وإنْ فاتك الوقوف به بعرفة نحرته بمكة إنْ كنت اشتريته من الحل.