ومن المدونة قال ابن القاسم: ومن ضل هديه الواجب بعدما أوقفه بعرفة، فوجده بعد أيام منى فلينحره بمكة، قال لي مالك مرة: لا يجزئه، وعليه الهدي الذي كان عليه، وقد قال مالك قديمًا فيما بلغني: أنه يجزئه، وبه أقول.
م: وهذه مثل التي قبلها، فوجه قوله: أنه لا يجزئه: لأن هذا هدي قد وقف به بعرفة فلا يجوز أن ينحر إلا بمنى، ومن نحره بغيرها فقد نحره في غير محله، ووجه قوله: أنه يجزئه: فلأن مكة أيضًا محل للهدايا؛ ولأنه لو تعمد ترك إيقافه بعرفة لكانت مكة محلاً له، واختلاف قول ابن القاسم وأشهب في الأولى على اختلاف قول مالك في هذه.
وفي كتاب محمد: إذا ساق هديًا فضل قبل أن يقف به بعرفة، ثم وجده بمنى، قال: اختلف فيه قول مالك، فقال: لا يجزئه وينحره ويهدي سواه، وقال: يجزئه وينحره بمكة.
م: وهذا أبين، ووجه الأول: أنه لما ضل قبل بلوغه محله وجب عليه بدله، فلا يسقط ذلك وجوده.
ومن المدونة: ومن قلد هديه وأشعره، ثم ضل فأصابه رجل فأوقفه بعرفة، ثم وجده ربه يوم النحر، أو بعده أجزأه ذلك التوقيف؛ لأنه قد وجب هديًا، ولا يرجع في ماله.