قال: والمحصر بمرض إذا فاته الحج لا يقطع التلبية حتى يدخل أوائل الحرم ولا يحله من إحرامه إلا البيت وإن تطاول ذلك به سنين ويقيم حتى يصح ويفسخ ذلك في عمرة.
م: والفرق بين المحصر بعدو أنه يحل مكانه، والمحصر بمرض لا يحله من إحرامه إلا البيت وإن تطاول ذلك به سنينًا: لأن الواجب على من أحرم بحج أو عمرة إتمام ما دخل فيه لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، إلا أن يأتي ما لا يمكن الوصول معه إلى البيت وهو خوف العدو فيحل مكانه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فأما المرض ونحوه فإنه يمكنه معه الوصول إلى البيت، لأن المرض لا يحول بينه وبين الذهاب إلى البيت كما يحول العدو بينه وبين البيت.
ولأن خوف العدو يرفعه ورجوعه عنه، ولا يرفع المرض تحلله، فلا فائدة فيه، وهو إن احتاج إلى دواء فيه طيب، أو إلى حلق، أو لباس فعل ذلك وافتدى، فوجب لذلك إلا يحلله إلا البيت، وقد قال الله تعالى:{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}.
قيل: محل الشعائر من الإحرام وغيره من شعائر الحج والخروج منها بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، فكان ذلك مفارقاً لإحصار العدو. وبالله التوفيق.
ومن المدونة: قال ابن القاسم: وإن تمادى مرضه إلى حج قابل فمضى على إحرامه الأول وحج به أجزأه من حجة الإسلام ولا دم عليه.