قال ابن القاسم: كنت عند مالك سنة خمس وستين ومائة فسئل عن قوم اتهموا بدم وهم محرمون فحبسوا بالمدينة فقال: لا يحلهم إلا البيت ولا يزالوا محرمين في حبسهم حتى يقتلوا أو يخلوا فيحلون بالبيت.
م: وهذا بحصار العدو أشبه منه بإحصار المرض، ولو قاله قايل لم أعبه.
قال ابن القصار: هؤلاء إما أن يكونوا حُبِسُوا بحق فمن قبلهم أوتوا فهم مفرطون فذلك كالفوات، وإن كانوا مظلومين فلا أعرف فيهم نصاً فيحتمل أن يحلو من إحرامهم ولا قضاء عليهم، كمن منعه العدو، وهذا هو القياس.
ويحتمل أن يكون الفرق بينهم وبين حصر العدو من وجهين:
أحدهما: إن هذا قد حصر حصراً خاصاً لم يعدم معه ما هو شرط في وجوب الحج وهو سلوك الطريق لأن الطريق مسلوكة.
والوجه الثاني: إن الحصر إذا كان خاصًا فليس في إيجاب القضاء مشقة شديدة، وإذا كان عامًا ففي إيجاب القضاء مشقة شديدة فلم يجب فيه القضاء.
م: والصواب عندي: أنهم إن حبسوا بظلم أنهم بحصار العدو أشبه؛ لأنه حبس من قبل آدمي، وإن حبسوا بحق فمن قبلهم أوتوا فهم كالمفرطين حين فاتهم الحج فيجب عليهم القضاء، وهو معنى قول مالك، والله أعلم.