وقد سئل عن هذه المسألة أبو القاسم ابن الكاتب القروي / فأجاب فيها وأطال، وأنا أذكر عمدة فوائد جوابه وردّه على من منع من إجزاء الحج، ومعنى قول سحنون في ذلك.
قال أبو القاسم: ومن الدليل على صحة تأويل شيخنا أبي محمد أن الحج يجزيء ظاهر في كلام ابن القاسم وهو قوله: ولو أخطئوا فقدّموا الوقوف بعرفة يوم النزويةلم يجزئهم ذلك، فدل بذلك أن في المسألة يجزئهم إذْ أمرهم بتمام الحج، وهو قول جميع علماء الأمصار، ولا خلاف بينهم في ذلك.
والذي ذكر أبو محمد عن سحنون إنّما ذكره عقيب قول ابن القاسم إذا وقفوا يوم النزوية بعرف فإنهم يعيدون الوقوف من الغد يوم عرفة ولم يجزئهم الوقوف الأوّل.
قال: وقد اختلف قول سحنون في ذلك، ثم لم يذكر ما هذا الاختلاف، فيحمل إنما اختلف قوله فيمن وقف يوم النزوية؛ لأن عندنا عن سحنون أنّ الحج إذا وقع يوم النحر غلطاً أنّ ذلك مجزيء، وقد ذكر الباجي في كتابه أن هذا قول مالك، واللّيث، والأوزاعي والشافعي، وأبي حنيفة، وذكر جماعة من العلماء يكثر عددهم.
قال أبو القاسم: وإنما اختلف العلماء فيمن أخطأ فوقف يوم النزوية، فعند أصحابنا: أنه لا يجزئهم؛ لأن يوم عرفة بين أيديهم، وهذا مثل قولنا في الأسير تلتبس عليه الشهور، فإن صام قبل رمضان لم يجزه، وإن صام بعده أجزأه.