واختلف في ميراث الزنديق: إذا أنكر الزندقة وقد شهد عليه بها:
فقيل إنه يورث على ما أظهر، وأما لو أقر بذلك وتمادى على الكفر الذي كان أسره لوجب ألا يورث.
قال أبو إسحاق: والأشبه في الذي مات على الزندقة وورثته يعلمون بذلك ألا يورث؛ لأنه كافر، وقد ثبت أن المسلم لا يرث الكافر والمنافقون الذين في زمن النبي عليه السلام لم يستعمل النبي عليه السلام فيهم علمه ليبين ذلك لمن بعده ألا يحكم الحاكم بعلمه وإلا فقد علم النبي -عليه السلام- ذلك منهم، ولأنه أراد دخول الناس في الإسلام فقال:«لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي»، فقد يرد في ذلك إلى النفير عنه عليه السلام.
وأما من شهد عليه بالكفر وهو ينكره وكان مظهراً للإسلام فيُقتل حداً ويورث لإنكاره الكفر ويصلى عليه والله أعلم بسريرته، ولم تقبل توبته بخلاف المرتد لأنه شيء أخفاه فأشبه الزنا والسرقة والمرتد أظهر ما اعتقد فاستتيب كما تقبل توبة المحارب المظهر للحرابة.
ومن العتبية عن مجوسي تزوج ابنته فولد له منها ولدان فأسلمت الأم والولدان، فمات أحد الولدين. قال: فللأم السدس لأن الميت ترك أمه وهي أخته وترك أخاه فتعاد نفسها بنفسها؛ فكأنه ترك أخاً وأختاً حجبا الأم عن الثلث.
قال أبو إسحاق: وفي هذا نظر وذلك أن من أسلم من المجوس إنما يتوارثون بأقرب القرابتين؛ فإذا تزوجها أبوها ولدت ولدين فهما ولداها وهما أخواها فنسبتها في ميراث أحدهما بالأمومة أولى، فإذا كانت هي أمه سقط أن تكون أختاً له، وإذا سقط كونها أختاً أخذت ثلث ما ترك لأنه ترك أمه وأخاه فكيف حسبها أماً أختاً في حال واحده فحجبها عن ميراث الثلث بنفسها أن جعلها أختاً للميتة وللباقي فصارت أماً أختاً في حالة واحدة