الاستحباب، إذ لو كان فاسداً لم يجب الثبات عليه وإن أتم ربع دينار، فراعينا الخلاف فيه لقوته، وجعلنا حكمه حكم من طلق، إذ لو شاء الثبات عليه لأتم ربع دينار، فإن لم يتمه صار كمختارٍ للطلاق، فوجب عليه لذلك نصف الدرهمين، وليس ذلك كالاختلاف في قدر الصداق، لأن هذا لو رضيت الزوجة بقول الزوج لتم، ولا يجوز لها الرضى بالدرهمين، ولأن النكاح في الاختلاف في الصداق صحيحٌ بإجماع، وإنما اختلفنا في ثمنه كاختلاف المتبايعين في الثمن، والعلل مفترقةٌ، وعلى العلل يقاس لا على الجواب.
وما روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأةٌ فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل عندك من شيءٍ تصدها إياه؟ " فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئاً"، فقال: ما أجد شيئاً، قال:"التمس ولو خاتماً من حديد"، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل معك من القرآن شيء؟ " قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، لسورٍ سماها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"قد زوجتكها بما معك من القرآن"، قال مالك: ليس عليه العمل.