وقال أصبغ: وإنما كان له الصداق كاملاً، لأنه لو كان معها وامتنع من الدخول لزمه أن يدفع إليها جميعه، فإذا امتنع منها ببعد الغيبة لزم ذلك في ماله، وهذا لا اختلاف فيه وإنما الخلاف في امرأة المفقود إذا رفعت أمرها إلى السلطان وأرادت الخروج من عصمته، فضرب له أجل أربع سنين من بعد الكشف عنه فلم يعرف له خبر، فاعتدت منه عدة الوفاة ولزمها الإحداد، فصار حكمها معه كحكم الميت، فأوجبوا لها الصداق، فإن قدم وقد تزوجت ودخل بها الثاني فقال مالك وابن القاسم وغيرهما: لا ترد من الصداق شيئاً.
وقيال: بل ترد نصف الصداق، لأنه قد ثبت أن طلاق حقيقة.
قال ابن دينار: يدفع إليها نصف الصداق ويوقف نصفه، فإن حكم بموته رد إليها، ففي هذا الوجه اختلف، وليس يدخل في هذا ما ذكر عن سحنون أنها إذا طلبت الزوجة مهرها عند دخوله بها، فرأى أن تصبر عليه، لأن ذلك عرف الناس، لأن في مسألتنا قد أطال الغيبة وانقطع خبره.
فإذا لم يقدر على إيقافه لبعد غيبته، أو لجهالة موضعه صار حكمه حكم من لزمه الدخول فامتنع فلزمته النفقة والصداق، وهذا القول في العتبية والموازية، ولم يذكر محمد في هذه المسألة اختلافاً، ولا العتبي.
وفي السليمانية قال: لا نفقة لها في ماله، لأنه لم يدخل بها ولم يدع إليه لغيبته، ولا يجب لها عليه صداق إلا من بعد ضرب السلطان له الأجل أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهرٍ وعشراً، فعند ذلك يجب لها نصف الصداق، وتتزوج إن أرادت النكاح، وأما قبل ذلك فلا.
ومن المدونة: قال مالك: وإذا أنفقت المرأة على نفسها وزوجها حاضر، وقد ظهر بها حمل، فلم تطلبه بذلك حتى وضعت حملها، كان لها أن تتبعه بما