ومن المدونة: قال مالك: وأحسن ما سمعت من أهل العلم أنه يجوز أمر الحكمين عليهما.
قال: وبلغني أن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: إليهما أن يفرَّقا بينهما وأن يجمعا.
قال مالك: وإنما يبعثهما الإمام إذا قَبُحَ ما بين الزوجين حتى/ يُجْهَلَ حقيقة أمرهما, ولا يثبت ذلك بالبينات, فيبعث الإمام حينئذٍ حكماً من أهله وحكماً من أهلها من أهل العدل والنظر, فإن لم يكن في أهلها من يراه لذلك أهلاً, أو لا أهل لهما بعث من غير الأهلين, وإذا وجد من الأهلين كان أولى لعلمهما بالأمر فإن استطاعا الصلح أصلحا بينهما وإلا فرَّقا بينهما, ثم يجوز فراقهما دون الإمام.
قال: وللزوجين أن يرضيا ببعثهما دون الإمام, فإن جعلا ذلك إلى رجلٍ عدلٍ فحكم مضى ذلك عليهما, ولا يجوز في ذلك تحكيم عبدٍ أو صبيٍ أو مشركٍ أو سفيهٍ أو امرأةٍ ببعث الإمام أو ببعث الزوجين دونه أو من يليهما إن كانا في ولاية, لأن ذلك خارجً عمَّا أراد الله سبحانه من الإصلاح إلى الضرر, وهؤلاء لا يجوز منهم اثنان فكيف بواحد.
وقد قال ربيعة: لا يبعث الحكمين إلا السلطان فكيف يُجّاز تحكيم المرأة والعبد والصبي والنصراني والمسخوط.
ولو حكم الزوجان من ذكرنا أنه لا يحكم ففرق لم يمض ذلك ولا يكون ذلك طلاقا, لأن ذلك لم يكن على وجه تمليك الطلاق, ويدل على ذلك دخول الزوجة فيه بتحكميها, ولا مدخل للزوجة في تمليك الطلاق.
ابن المواز: أما المسخوطان وهما غير ذوي عدلٍ فيمضي ما حكما كما لو قضي بشهادتهما ثم تبين ذلك لم يُرد.