يعطى بعض شيءٍ من مالها على أن تخرج من عصمته جاز ذلك, وأما إذا ابتدأ هو الخلع بشيءٍ يأخذه فلا يجوز له ذلك وقبله شيءٌ من الضرر.
قال الشيخ: فدل قوله هذا أن الحكمين أن يعطيا الزوج شيئاً من مالها وإن كان الضرر من قِبَلِهمَا وعُرف ذلك وثبت, والله أعلم.
وقال في كتاب ابن المواز: وإذا نَزَعَ أحد الزوجين أو هما جميعاً قبل حكم الحكمين فذلك لمن نزع إلا أن يكون السلطان هو الباعث, أو يكون نزوع من نزع بعد أن استوعبا الكشف عن أمرهما وعزما على الحكم بينهما, فلا نزوع لمن نزع في هذا ويلزمه.
قال الشيخ: لعله يريد إذا نزع أحدهما في هذا, وأما لو نزعا جميعاً ورضيا بالاصطلاح والبقاء على الزوجية فينبغي ألا يفرَّق بينهما.
قال الشيخ: إن قيل: لم جاز الزوجين أن يحكَّما رجلاً واحداً ولم يجز في جزاء الصيد إلا رجلان وقد ورد النص أن يكونا حكمين في الوجهين؟
فالجواب عن ذلك: أن الحكمين في جزاء الصيد إنما هما لحق الله تعالى لا حق للمحكوم عليه فيهما, فوجب اتباع النص في ذلك, وأما الزوجان فالحكم في ذلك إليهما, لأنهما الخصمان ولهما أن يدفعا ذلك بالاصطلاح, فلما كان الأمر إليهما جاز أن يرضيا بحكمين أو بحَكَم واحدٍ أو يصطلحا على أنفسهما ولا يحتاجان إلى حَكَم, ولأنه لما جاز لهما أن يجعلاهما من غير الأهلين والنص إنما ورد أن يكونا من الأهلين دل أن الأمر إليهما, وأن لهما أن يجعلا رجلاً واحداً كسائر المتحاكمين, فالأمر في ذلك مفترق.