قال الشيخ: وقيل عن أبي عمران في الذي يقول: جميع الأيمان تلزمني، قال: تلزمه جميع الأيمان من الطلاق والعتق وغير ذلك.
فقيل له: ما يلزمه من الطلاق؟
فقال: هي مسألة متنازع فيها، والذي أرى أن الواحدة عليه بلا شك، ويستحب له أن يلزم نفسه الثلاث.
فقيل له: من الأيمان خليه وبرية ونحوه؟
فقال: هذا ما لا غاية له، ويلزمه أيضًا: كلما تزوجتك فأنت طالق.
قال بعض فقهائنا: وقال أبو بكر بن عبد الرحمن القروي: تطلق عليه زوجته بالثلاث عندي؛ لأن الخلية والبرية والحرام وغير ذلك مما تحرم به الزوجة، فدخل تحت يمينه لقوله: جميع الأيمان تلزمني، وأنكر ما ذهب إليه غيره من أنه تلزمه طلقة.
واستحسن بعض فقهائنا قول أبي عمران قال: ولا يكون أسوأ حالاً ممن حلف بالطلاق قصدًا إليه، ولا نية له أنه إنما يلزمه المباح من الطلاق، وهو واحدة.
قال الشيخ: فظهر لي أن قول أبي بكر بن عبد الرحمن أقوى؛ لأن الذي يقول: جميع الأيمان تلزمني، إنما قصد التشديد، فيجب أن يلزم ذلك، وإذ أكثر عادات الناس الأيمان بالثلاث في وقتنا؛ لأن أكثرها إنما يقع على الجهر، فيجب أن يلزم ذلك؛ ولأن الخلية والبرية تدخل تحت ذلك، وليس كمن قال: أنت طالق؛ لأن هذا قد خص جنسًا من الطلاق، والذي قال: جميع الأيمان، قد جمع الأيمان، ومن الأيمان الطلاق واحدة، والطلاق ثلاثًا، والخلية والبرية والبتة فكيف يقصره على أقلها مع ما بينا أن الثلاث أكثر أيمان أهل وقتنا، وأن الذي يقول: جميع الأيمان: إنما قصد التغليظ سفهًا منه، والله أعلم.