قال الشيخ: قال عبد الوهاب: تعليق الطلاق بالمشيئة على ثلاثة أضرب: بمشيئة الله عز وجل، وبمشيئة إنسان، وبمشيئة من لا يشاء كالحجر ونحوه، فأما قوله: أنت طالق إن شاء الله، فلا يؤثر في رفع الطلاق عندنا خلافًا لأبي حنيفة والشافعي؛ لأنه لو أثر في ذلك لم يخل أن يكون تأثيره من حيث الشرط أو الاستثناء، فإن كان من حيث الشرط فلا يصح؛ لأنه لا سبيل لنا إلى العلم بحصوله، فإذا كان كذلك فتعليق الطلاق به هزل وعبث، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"ثلاث هَزلهُن جِد، فذكر الطلاق"، وإن كان من حيث الاستثناء فلا يصح أيضًا لأن الاستثناء إنما يدخل على مستقبل الأفعال دون ماضيها، وقوله: أنت طالق، إيجاب وإيقاع فلا مدخل للاستثناء فيه.
قال الشيخ: ولأن الاستثناء معنى يحل اليمين المنعقدة كالكفارة، وقد ثبت أنه لا مدخل للكفارة في الطلاق، فكذلك الاستثناء؛ ولأن الكفارة أقوى من الاستثناء؛ لأنها تؤثر متصلة ومنفصلة، والاستثناء لا يؤثر إلا متصلاً، فإذا لم تعمل الكفارة في الطلاق كان الاستثناء أحرى أن لا يعمل فيه، ولأنه استثناء يرفع جميعه في الحال، فوجب أن لا يعمل فيه، كما لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا ثلاثًا، وأما تعليق الطلاق بمشيئة زيد فيصح؛ لأنه يتوصل إلى علم مشيئته، فكان كسائر الشروط، كقوله: أنت طالق إن دخل زيد الدار ونحوه، وأما الاستثناء بمشيئة الحجر فروايتان: فوجه أن الطلاق يلزمه: فلأنه هزل، ووجه أنه لا يلزمه: