والوجه الثالث: أن يقذفها بالزنا ولا يدعي رؤية، ولا نفي حملٍ، فأكثر الرواة يقولون إنه يحد ولا يلاعن، وقاله ابن القاسم مرة، وقاله المخزومي وابن دينار، وقالا: إن نفي حملاً ولم يدع استبراءً جلد به الولد.
وقال ابن القاسم مرة أخرى: إنه إن قذف، أو نفى حملاً لا عن ولم يكشف عن شيء، وقاله ابن نافع.
قال الشيخ: وذكر عن أبي عمران رحمه الله أنه قال: إذا نفى حملاً ولم يدع استبراءً فلا يمكن من اللعان.
ولا تكون الحرة أخفض رتبةً من الأمة، لأن الأمة إذا نفى سيدها حملها ولم يدَّع استبراءً لم يتنف الولد بهذا.
قال ابن القاسم في كتاب الرجم: قال مالك: من ادعى رؤيةً وأقر أنه وطئ بعدها حُدَّ ولحق به الولد.
قال الشيخ: واختلف في وصف الرؤية، فقيل: يجب أن يقول: رأيته كالمِروَد في المكحلة، وقيل: تكفي دعواه الرؤية فقط.
قال الشيخ: فوجه الأول: أن لعانه يحصل به المعرَّة على المرأة، ويلزمها الحد ويتنفي عنه الولد، فغلظ في تبيين الصفة ردعاً إن كان غير مُحقٍ، كما غُلِّظ في الشهادة.
ووجه الثانية: قوله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} وظاهر هذا أن هذا القدر كافٍ، والفرق بينه وبين الشهود أن به ضرورةً إلى القذف لنفي ولدٍ ليس منه، ولا ضرورة بهم إليه.