قال أبو محمد: إنما يعني في أصل المسألة أن رأس المال كان دنانير والرهن عرض يخالف العرض المسلم فيه، فمتى ادعى المرتهن ضياعه وأراد أن يقاص الراهن قبل الأجل من سلمه بما لزمه من قيمة الرهن جازم ذلك؛ لأنه صار قد أخرج دنانير ورجع إليه الرهن الذي أخذ وادعى ضياعه، ودنانيره التي أخرج يجوز سلمها فيه، فلذلك جازت المقاصة، والرهن الذي أخذه إنما هو من غير جنس ما أسلم فيه فكان ذلك أجوز في المقاصة به، فأما إن كان الرهن من جنس ما أسلم فيه وهو أرفع مما شرطه أو أدنى لم تجز المقاصة به قبل الأجل، ويدخله حط عني الضمان وأزيدك في الأرفع، وفي الأدنى ضع وتعجل، وإن كان الرهن مثل ما شرطه سواء، لم يكن به بأس.
وقوله: إذا كان الرهن دنانير أو دراهم فلا خير فيه، يعني إذا كان رأس المال دنانير وكان الرهن دنانير أكثر منها ولا بينة له على ضياعه فلا يجوز أن يجعل هذا الرهن عوضاً مما أسلم فيه، فيصير قد أخرج دنانير ورجع إليه أكثر منها، وكذلك إن كان الرهن منها دراهم لم يجز له أن يقاصه بها؛ لأنه يصير أخرج دنانير ورجع إليه دراهم.
فأما إن كان الرهن دنانير مثل دنانير رأس ماله أو أقل منها فلا بأس أن يتقاصا بها إذ لا تهمة فيه.