للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإنما لم يجر الرهن مجرى الأمانة المحضة ولا مجرى المضمون المحض؛ لأنه قد أخذ شبهًا من الجميع فلم يكن له حكم أحدهما على التحديد، وذلك أن الأمانة المحضة لا نفع فيها للقابض بل النفع فيها كله للمالك كالوديعة، والمضمون المحض منافعه للقابض خاصة كالمشتري والمتعدي، فلما أخذ الرهن شبهًا من الأمرين فإن المالك حصل له ما ابتاعه، وبقي الدين في ذمته لأجل رهنه، فقد انتفع به، والمرتهن حصل له التوثق فلم يقبضه لمالكه، وجب ألا ينفرد بأحدهما، وفصل بينهم بما قلناه وبالله التوفيق.

قال ابن المواز: ولو شرط فيما لا يغاب عليه أن يضمنه لم يلزمه ويكون ضمانه من ربه. قال: ولو شرط فيما يغاب عليه أن لا يضمنه وأن يقبل قوله فيه. فقال ابن القاسم: شرطه باطل، وهو ضامن لأن ذلك كله بخلاف السنة.

قال بعض البغداديين: لأنه شرط ينافي حكم أصل العقد، فلم يصح، أصله إذا شرط في الوديعة أن يضمن أو شرط في القرض أن لا يضمن أو في النكاح أن لا يطأ، وفي البيع أن لا يتصرف في المبيع.

قال ابن المواز: وقال البرقي عن أشهب: شرطه جائز، وهو مصدق، وكذلك في العارية لقول النبي صلى الله عليه وسلم (المسلمون عند شروطهم).

قال ابن المواز: وأما ما قامت فيه بينه بهلاكه مما يغاب عليه، فقد اختلف فيه قول مالك، فأخذ ابن القاسم وعبد الملك وأصبغ بقوله أنه لا يضمنه، وهو أحب إلينا.

وقال أشهب عن مالك أنه ضامن وكذلك العارية واحتج بحديث سلاح صفوان بن أمية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم (بل عارية مؤداه) أي فلابد من أداء ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>