لما قال من هذه الصبرة فكأنه قال بعض هذه الصبرة ولم يبين ذلك البعض.
قال عبد الوهاب: وعندي أنها تحتمل وجهين:
أحدهما: أن البيع ينتظم جميعها؛ لأن لفظة (من) تكون للتبعيض وتكون صلة وزيادة في الكلام، فكأنه قال بعتك هذه الصبرة من حساب عشرة أقفزة بدينار، وإذا وجدنا للفظ معنى يصح حمله عليه كان أولى من حمله على الفساد.
والوجه الآخر: أن يلزم البيع في مقدار ما علق الحساب به، وهي عشرة أقفزة على ما رواه عبد الملك إذا قال أكريك هذه الدار حساب كل شهر بدينار، فإن الإجارة تلزم في شهر واحد منها فكذلك مسألتنا.
فصل [٤ - في شراء السمسم والزيتون على أن على البائع عصره أو زرعاً على أن على البائع حصاده ونحوها]
ومن المدونة قال مالك: ولا يجوز شارء سمسم أو زيتون أو حب فجل بعينه على أن على البائع عصره أو زرعاً قائماً على أن على البائع حصاده ودراسه، وكأنه ابتاع ما يخرج من ذلك كله وذلك مجهول، وأما إن ابتعت منه ثوباً على أن يخيطه لك أو نعلين على أن يحذوهما لك فلا، وإن ابتعت منه قمحاً على أن يطحنه لك فقد استخفه مالك بعد أن كرهه، وكان يرى أن القمح قد عرف ما يخرج منه، وجل قوله في ذلك التخفيف على وجه الاستحسان لا على القياس.