يرفع به الكراء، كما كان رَفْعُ الزوجة إلى الحاكم أن زوجها الغائب لم يَبْعث إليها بالنفقة يوجب أن يكون القول قولها، ولو لم ترفع لكان القول قول الزوج، فكذلك هذا. ووجه قول سحنون وغيره أنه لما صدقه في الضياع كان ذلك كقيام البينة عليه فوجب أن يسقط عنه الكراء؛ لأن ما يجب به الكراء قد ذهب، فيأتي شيء يكون له الكراء.
م: وهو الصواب إن شاء الله. م: قال بعض أصحابنا: وقد ناقض كل واحد من ابن القاسم وسحنون أصله في هذه المسألة بجوابه في مسألة كتاب العارية، فيمن استعار دابة فركبها إلى موضع، فلما رجع زعم ربها أنه إنما أعاره إياها إلى دون ما ركبها إليه، فذهب ابن القاسم إلى أن القول قول المستعير في رفع الضمان والكراء.
وقال سحنون: القول قول المستعير في الضمان لا في الكراء.
م: وإنما اختلف جوابها في المسألتين لاختلاف السؤال، وليس ذلك بتناقض؛ لأن مسألة الإجارة: المكتري مقر بالكراء، مدعٍ فيما يسقطه فعليه البيان، وفي مسألة العارية: المُعير مقر بعارية، مدع على المستعير أنه تعدى وزاد فيها، فوجب أن يكون القول قول المطلوب بالغرم، فهذا مفترق، ووجه قول سحنون في مسألة العارية أن العارية معروف صنعه المعير مع المستعير فلا يلزمه منه إلا ما أقر به، فوجب أن يغرمه كراء زيادة المسافة على ما أقر به مع يمينه، وذلك إذا أقر المستعير بالركوب إلى ذلك الموضع، وأما إن قال: هلكت الدابة قبل الوصول إليه فلا يكون عليه في زيادة المسافة إلا ما أقر به أنه ركبه؛ لأن ما يوجب له الكراء قد ذهب، ولا ضمان عليه فيه، وإنما