م: والفرق بينهما: أن أجر الرضاع أمر يلزم الأب فأنما قدمه وهو يظن أن الصبي يحي، وأن ذلك لازم له، فلما مات الصبي بان أن ذلك لم يكن يلزمه، فوجب أن يرجع فيه. والذي قال: بع من فلان سلعتك والثمن لك عليَّ، هو متطوع بذلك ولم يكن يلزمه، فلما تطوع به وضمن للبائع ثمن سلعته لزمه ما تطوع به، ولم تكن له حجة.
وقال بعض فقهاء القرويين: وإذا قدرنا أن الأب دفع ما هو واجب عليه من رضاع الولد لم يكن ذلك هبة منه لوجوبه عليه، إلا أن عقد الإجارة في الظئر يجب أن تكون لازمة للأب وإن مات؛ إذ هو العاقد لذلك فهو المطلوب بثمنها سواء نقد ذلك أو لم ينقده، ويصير على هذا إنما أعطى للابن اللبن الذي ظن أنه لازم له، فلما مات سقط عند بقيته كما سقطت عنه نفقته، فيجب على هذا أن يكون الرضاع هو الموروث عن الأب، وإذا كان الرضاع هو الموروث، لم يكن أن يأتي كل وارث بصبي يرضعه، وإذا لم يكن هذا: فسخ الكراء، وكان حينئذٍ الكراء هو الموروث.
وقال مالك في مختصر ابن عبد الحكم: إذا نقد الأب أجر مدة الرضاع، ثم مات الأب قبلها فما بقي للصبي، إلا أن يموت الصبي قبل ذلك فيكون ما بقي بين ورثة الأب أو للأب إن كان حيًا.
م: وهذا استحسان، ووجهه: كأن الأب لما نقد الإجارة إنما نقد ذلك للصبي إن حيي؛ لأن ذلك يلزمه فإنما نقد له ما يلزمه، فإن مات فقد بان أن ذلك لم يكن