قال بعض فقهاء القرويين: هذا صواب كله ما لم يفلس العامل فإن فلس وقد كان أخذ مئة فأكل منها خمسين قبل أن يتجر, ثم تجر في الخمسين الباقية فصارت مئة ثم فلس, فيجب على مذهب ابن القاسم أن يكون أحق بالمئة من الغرماء ويبقى عنده خمسون فيحاص بها الغرماء؛ لأن الربح أولى أن يجبر به رأس المال من أن يكون للعامل, كما لو ضاع من المال خمسون فتجر في الخمسين الباقية فصارت مئة أن رب المال أولى بها, أو لا ترى أن ابن القاسم قال في الذي دفع إليه ثمانين فضاع منها أربعون فدفعها إلى غيره فتجر فيها فصارت مئة أن رب المال يأخذ ثمانين, ويكون أولى بها من العامل الثاني ثم يأخذ نصف الربح عشرة, والعامل الثاني هاهنا أكرى من الغرماء؛ لأنه هو الذي نَّمى المال فلم يجعله أحق بجزئه من الربح لما كان رب المال له خبر ما كان في ماله من الخسارة.
م: وقال غيره: بل يأخذ من المئة التي بيده خمسين رأس ماله وخمسة وعشرين حصته من الربح, ويُحاص في الخمسة والعشرين بقية الربح بالخمسين التي عليه وذلك بخلاف ضياع الخمسين؛ لأن رب المال لا مرجع له على الذي ضاعت له الخمسين, وله على الذي أكلها الرجوع بها فافترقا, وكذلك العامل في الأربعين له الرجوع على العامل الأول فلذلك كان رب المال أولى بجبر رأس المال منه.
م: والقول الأول أصوب لأن رب المال أولى بجبر رأس المال, وأما الذي دفع إليه مئة فيها فصارت مئتين, ثم أكل مئة ثم تجر في المئة الباقية فصارت مئتين