فصل [٢ - المتقارضان يختلفان في أجزاء الربح]
قال ابن القاسم: ومن أخذ قراضاً على [الثلث] والثلثين ولم يبين لمن الثلثان: فالقول قول العامل أن الثلثين له والثلث لرب المال, كما لو ادعيا ثلثي ذلك: لكان القول قول العامل أن الثلثين له, فكذلك هذا.
قال ابن المواز إذا أقرا أنهما لم يبينا الثلثان: جعلته لمن يشبه أن يكون ذلك له, فإن كان يشبههما جميعاً: جعلته للعامل ويحلف إن ادعي ذلك.
م: وإنما يكون القول قول العامل إذا اختلفا بعد العمل, فقال العامل كان نيتي أن الثلثين لي, فالقول قوله ويحلف أنه كذلك نوى, فإن نكل حلف رب المال على ما نوى بمنزلة ما إذا تداعيا ذلك لفظاً.
م: وقال بعض فقهائنا القرويين: إذا ادعى كل واحد أنه فهم عن صاحبه أنه صيَّر له الثلثين, فذلك كتصريح الدعوى, والقول قول العامل إذا أشبه. وأما إن قال كل واحد منهم: لم أفهم عن صاحبي شيئاً إلا أنَّي ظننت أنَّي المّعْني بالثلثين: فكان يجب أن يكون الربح بينهما نصفين؛ لأن كل واحد قد سلم الثلث لصاحبه, واستوت دعوهما في الثلث الباقي, فيقسم بينهما نصفين.
م: ويلزم على هذا أن لو بيَّنا الدعوى لفظاً أن يقسم بينهما أيضاً نصفين؛ لأن كل واحد قد سلم لصاحبه الثلث, واستوت دعواهما في الثلث الباقي, ولكن لما كان العامل حائزاً, وجب أن يكون القول قوله في تساوي الدعوى, كتساوي البينتين أن القول قول الحائز, ولا فرق أيضاً بين قوله فهمت, ولا بين قوله: ظننت؛ لأنه لا يظن أنه المَعنَّي بالثلثين إلا بما فهم من قول صاحبه, والله أعلم.
ومن المدونة, وقال مالك: وإذا اختلف المتقارضان في أجزاء الربح قبل العمل, فقال رب المال دفعته على أن الثلث للعامل, وقال العامل: بل على الثلثين لي: رد المال إلا أن يرضى العامل بقول رب المال/, وإن اختلفا بعد العمل: فالقول قول العامل كالصانع إذا جاء بما يشبه, وإلا رد قراض مثله.