ولا يقبل القاضي هدية من أحد، ولا ممن كانت تجري بينه وبينه قبل ذلك، ولا من قريب ولا من صديق، وإن كافأ بأضعافها إلا مثل الوالد والولد وأشباههم من خاصة القرابة التي يجمع من حرمة الخاصة ما هو أكثر من حرمة الهدية. قال سحنون: ومثل الخالة والعمة وبنت الأخ قال: وفي بعض الكتب الهدية تطفئ نور الحكماء. قال ربيعة: إياك والهدية فإنها ذريعة الرشوة وعلة الطلب. وقال: محمد بن عبد الحكم لا يقبل الهدية ممن يخاصم، ويقبلها من إخوانه الذين يُعرف بالقبول منهم قبل أن يستقصي، وقد كان عمر يقبل الهدية من إخوانه.
قال ابن حبيب: لم يختلف العلماء في كراهية الهدية للسلطان الأكبر وإلى القضاة والعمال وجباة الأموال، وهو قول مالك ومن قبله من أهل السنة، وكان النبي عليه السلام يقبل الهدية وهذا من خواصه. ابن حبيب: وللإمام أن يأخذ ما أفاد العمال ويضمه إلى ما جبوه وفعله النبي صلى الله عليه وسلم في عامل له قال هذا أهدي إليِّ فأخذه منه فقال له: (هَلا جلست في بيت أبيك وأمك فتنتظر هل يهدى إليك) وقال عليه السلام: «هدايا العمال غلول» قال ابن حبيب: إذا حبسوها ولم يسلموها إلى من ولاهم، وكان عليهم إلا يقبلوها. قال: وكل ما أفاده وال في لايته، أو قاض في قضائه، أو متولٍ أمراً