ومن المدونة قال مالك: ولا ينبغي للقاضي أن يكثر الجلوس جداً، وإذا دخله هم أو نعاس أو ضجر فليقم. قال مالك: والقضاء في المسجد من الحق وهو من الأمر القديم؛ ولأنه يرضى فيه بالدون من المجلس، وتصل إليه المرأة والضعيف، وإذا احتجب لم يصل إليه الناس، ولكن لا يقيم فيه الحدود وشبهها، ولا بأس فيه بخفيف الأدب والأسواط اليسيرة، وقول الله تعالى:{إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} يدل على إباحة القضاء في المسجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء يقضون فيه وقد تقدم هذا في باب آداب القضاء. قال ابن القاسم: ولا بأس أن يضرب الخصم إن تبيَّن لدده وظلمه، ولا بأس إذا آذى القاضي في نفسه أن يؤدبه.
فصل [٣ - تزكية البينة]
قال مالك: ولا يقضى بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم في السِّر، فإن زكوا في السر وفي العلانية اكتفى بذلك، ولا يقبل في التزكية أقل من رجلين.
وإن ارتضى القاضي رجلاً للكشف جاز أن يقبل منه ما نقل إليه من التزكية عن رجلين لا أقل من ذلك. ولا يجزئ في التعديل إلا القول أنهم عدول مَرْضيون.