م/: إنما يصح هذا إذا اشترط أن يعمل ذلك فيها، فأما إن لم يشترطه فالقياس أن لا يتصدق عليه بشيء من الكراء؛ لأنه كراء صحيح؛ ولأن المكتري قد ملك منافع الدار بالكراء كتملكه إياها بالشراء، وإنما كان لرب الدار منعه على وجه الاستحسان؛ لئلا يظن به أنه أكراها منه لذلك، فليس تركه الاستحسان يوجب عليه الصدقة بالكراء أو العقوبة، هذا هو النظر والله أعلم.
م/: وقد تقدم في كتاب الإجارة اختلاف شيوخنا فيمن أكرى داره أو باعها ممن يتخذها كنيسة، وأن اختيارنا أن يتصدق بالكراء، وفي البيع يتصدق بالزيادة على ثمنها لو بيعت لغير ذلك؛ لأن الرقبة في البيع باقية لم تستهلك، والمنافع في الكراء قد استهلكت، فأشبهت بيع الخمر. وينبغي أن لو باع منهم شاة لقربانهم فذبحت أن يتصدق بجميع ثمنها؛ لاستهلاكها كاستهلاك المنافع.
وقد قال مالك فيمن باع كرمه ممن يعصرها خمرا أن يتصدق بثمنها. قال: ولو اشتراه ليعصره خمرا، أو أكراه الدار ليبيع فيها الخمر، ثم صرف العنب لغير الخمر، والدار للسكنى، فالثمن لرب العنب، ورب الدار، والكراء سائغ لا يضره الشرط إلا أن يكون زاد عليه لذلك، فيتصدق بالزائد.
م/: وهذا خلاف ما تقدم لابن القاسم من أن الكراء فاسد.
قال: ومن أخذ دابة بغير إذن ربها فحمل عليها الخمر، أو داره فباع فيها الخمر، فعليه كراؤها فيما عطلها عليه، لا على ما استعملها فيه من الخمر، كان المتعدي مسلماً أو نصرانياً.