قال ابن حبيب: وإذا تغارسا، ولم يسميا حدا، ولا شباباً معلوماً، فذلك جائز، ويكون إلى الإثمار والشباب التام.
وروى حسين بن عاصم عن ابن القاسم في العتبية أن هذا فاسد حتى يسميا شباباً معروفاً، أو إلى الإثمار، ولو سميا عدة سنين يعمل العامل إليها ويغرسها ثم يكون بينهما، فذلك جائز إذا كانت الأرض مأموناً نباتها، ولا يثمر الشجر قبلها. وإن غارسه على أن له في كل نخلة نبتت حقاً مسمى، ولا شيء له فيما لم ينبت، وعلى أنه إن شاء عمل وإن شاء ترك، فذلك جائز إذا اشترط شيئاً معروفاً.
قال ابن القاسم: ولو قال لرجل: استأجرك على أن تغرس لي في هذه الأرض كذا وكذا نخلة، فإن نبتت فهي بيني وبينك، فهو جعل وليس بإجارة، ولو شاء أن يترك ترك، ولو لم يكن جعلا ما جاز؛ لأنه لا يدري أيتم أم لا.
قال ابن حبيب: قال مالك: ولا تجوز المغارسة إلى أجل؛ لأنها من معنى الجعل. قال لي مطرف: إنما يجوز الأجل في هذا أن يقول له: اغرسها لي شجر كذا، فإذا بلغت الإثمار، أو شباب كذا، فلك النصف ولي النصف على أن تقوم بنصفي كذا وكذا سنة فذلك جائز، وكأنه آجره على أن يغرس له نصف الأرض، أو يأتي هو بالغرس من عنده، ويقوم له به كذا وكذا سنة على أن أعطاه في إجارته نصف الأرض، فإن بطل الغرس بعد أن غرسه، قيل لرب الأرض: اعطه غرساً مثله يغرسه لك، ويقوم لك به إلى أجلك. قلت: فهذه المغارسة بعينها إلى أجل.