أن نجعل نصف ما يخرج من أرض وبذر وبقر كراء لنصف عملك فقد أخطأ وجه العمل، ويكون الزرع بينهما نصفين ويتراجعان في الفضل؛ لن هذا قد قبض نصف البذر في أجرته وضمنه، والأول لم يأخذ شيئاً.
قال بعض القرويين: إذا أخرج أحدهما الأرض والآخر العمل فهذه إجازة وتلزم بالعقد.
وأجاز سحنون أن يكون كراء الأرض أكثر من قيمة العمل لأن ذلك إجارة لا يحتاج فيها التساوي للزوم الشركة عنده في بقيتها، ويلزم كل واحد أن يبذر مع صاحبه، فلما لزمت الشركة لم يكن في التفاضل في الأكرية غرر, ومن جعل أن لا يلزمه تمام الشركة وأن له أن يقاسمه لم يجز في شركتهما إلا الاعتدال، ويتهم أنه إنما زاد رجاء أن يتم الشركة، وذلك غير ملزم عنده فصارت غرراً، ولهذا احتيج إلى التساوي في شركة العروض؛ لأن التمادي غير لازم فإذا اختلفت قيمة العروض لم يجز؛ لأن أحدهما يرجو بذلك أن يستديم شركته معه، وهو لا يلزمه التمادي فيصير ذلك غرراً.
قال: والذي قال سحنون إذا أخرج أحدهما الأرض والبذر وأخرج الآخر العمل أنه جائز فهو الأشبه.
وليس قول ابن حبيب يبين إلا أن يريد أن من قصد إجارة نفسه بنصف ما يخرج أنه لا يجوزن ومن قصد أنه قبض نصف الزريعة من وقت بذرها فهو الجائز ولهذا وجه.
وأما قوله إن اختلف ذلك فإن الزرع بينهما ويتراجعان في الأكرية.
ففي كتاب محمد أن الزرع لصاحب الأرض والبذر وهذا أشبهه وللآخر أجر مثله وكأنه استأجره نفسه بنصف ما يخرج.
وإنما بنا ابن حبيب على مذهبه أن كل شركة سلم فيها من كراء الأرض بالطعام فالزرع بينهما، وكل شركة دخل فيها كراء الرض بالطعام فالزرع لصاحب الزريعة.