البينتين لما سقطتا كأنها لم تكن، وبقيت الدعوى فوجب اليمين على المنكر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين».
قال بعض القرويين: اختلف إذا كانت إحدى البينتين أعدل هل يحلف صاحب الأعدل؟ ففي المدونة أنه يحلف في مسألة عفو الأرض مع البينة الأعدل.
واختلف في كثرة العدد هل يرجح به مع استوائهم في العدالة؟
واختلف في شاهد ويمين أو شاهد وامرأتين إذا هم تساووا في العدالة:
فابن القاسم يسقطها في التساوي، وأشهب يراه من باب الترجيح، فلم يرد شهادة الشاهدين بشاهد ويمين، ولا بشاهد وامرأتين.
[الفصل ٣ - في الترجيح بالحيازة عند تكافؤ البينات]
وذهب عبد الملك إلى أن الحائز لا ينتفع ببينة، مثل أن يقيم رجل شاهدين على دار في يد رجل أنها له، وأقام من بيده الدار شاهدين أنها له، أن شاهدي المدعى أولى، وذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر».
فالبينة في جانب المدعي، واليمين في جانب المنكر، فلا ينتفع ببينته التي يقيمها عنده، واختلف إذا كانت الدار بيد ثالث، وأقام رجلان كل واحد بينة أنها له، وتكافأت في العدالة، والذي هي في يده الدار يدعيها لنفسه، فقيل إنها تبقى للذي هي في يده؛ لأن بينة هذين سقطتا بالتكافؤ فكأنها لم تكن، وقيل: تقسم بينهما؛ لأن البينتين قد اتفقا على إسقاط ملك الحائز.