فصل [٣ - في رجلين يشهدان بمئة دينار على رجل، ويقيم المطلوب بينة بالبراءة
منها قبل أن تثبت الأولى]
قال سحنون: وإن شهد رجلان بمئة دينار على رجل، وأقام المطلوب بينة بالبراءة منها قبل أن تثبت الأولى، فإنه يسمع الحاكم البينتين خيفة أن يثبت الدين فيحتاج إلى بينة البراءة إن غابت أو ماتت، ولا يمنع الطالب من إثبات دينه لقيام بينة البراءة؛ إذ لعلها لا تثبت، وتغيب بينة المدعي، أو تموت، فليسمعها، فإن ثبت الدين، وثبتت البراءة منه فحكم بالبراءة، ثم رجع شاهدا البراءة، فليغرما الحق للمدعي.
فصل [٤ - في اختلاف البينة مع القاضي في الشهادة بالدين]
قال ابن المواز: وإذا شهد رجلان لرجل بمئة دينار ديناً على آخر عند القاضي فحكم القاضي بالدين على المطلوب للمطالب فأغرمه فأخبر الشاهدان فأتيا القاضي وقالا: إنما شهدنا بالمئة لهذا على الآخر. فقال القاضي: بل شهدتما للآخر على هذا. وكيف إن كتبها في ديوانه بخطه أو بخط كاتبه على ما قالا؟
قال: إن كانا عدلين فشهادتهما جائزة، فإن رجع القاضي عن قوله فقال: وهمت وأنا أشك في ذلك رجع فأخذ المئة ممن هي في يده فردها إلى الآخر وأرجعه أيضاً بمئة أخرى على صاحبه، وإن ثبت القاضي على قوله، وقال: أنا لا أشك أنكما إنما شهدتما لمن قضيت له. قيل له: فإن كنت توقن بها فليس لك أن ترجع عليه بها واغرمها أنت؛ لأن الشهود شهدوا بخلاف قولك، وهما عدلان، فيلزمك غرم مئتين، مئة أخطأت فيها، والمئة التي كانت الشهادة بها وذلك يلزمه. وإن كانت الشهادة في ديوانه إلا أن يكون حضر