فصل [٤ - في إبطال حكم اللعان إذا تبين أن الشاهدين ليسا ممن تقبل شهادتهما]
قال سحنون: وإذا أقامت المرأة شاهدين على زوجها أنه رماها بالزنى فأمر القاضي الزوج باللعان، فالتعن خوفاً أن يبيح ظهره وهو يعلم أنهما شهدا بزور، والتعنت هي، وفرق بينهما، ثم تبين أن أحد الشاهدين عبد أو محدود، فإن القاضي يبطل الحكم باللعان الذي كان بينهما ويردها إلى زوجها وتكون امرأته.
قال سحنون: ولا يكون قوله: أشهد بالله أني لمن الصادقين إقراراً من قبل أنه قد ظهر أنه إنما اضطر إلى ذلك خوف الضرب كمن لم يقر، وكالمكره.
وقال ابن الماجشون في كتابه: لو رجع الشاهدان بعد الحكم بتمام اللعان بينهما لم يغرما لزوج شيئاً إن كان قد دخل بها، وكذلك إن كان لم يدخل بها في قوله.
وقد مضى ذكر الاختلاف في رجوعهما في الطلاق قبل البناء.
[الفضل ٥ - حكم الحاكم لا يبيح للمحكوم له ما حرم عليه
ولا يحرم عليه ما أبيح له]
قال: ولو شهدا على زوجها أنه قذفها بالزنى، والرجل والمرأة يعلمان أنهما كذبا وشهدا بزور، فقبلهما القاضي، وأمرهما باللعان فالتعنا خيفة الحد، ففرق بينهما، وجعلها لا تحل له أبداً بظاهر الحكم، فذلك لا يحرمها عليه بينه وبين الله سبحانه، ولكنا نكره ذلك لئلا يعد زانياً فهتك حرمته، ويضيع نسبه إن كان حملاً ولئلا ترجم إذا وضعت، ولا يجوز له أن ينكح أختها، ولا أربعاً سواها، ولا يجوز لها هي أن تنكح زوجاً غيره، وإن كانت هي لا تعلم إلا ظاهر الأمور فجائز لها أن تنكح غيره على ظاهر الحكم، فكذلك الحكم إذا شهدوا عليه أنه فارق زوجته وهما يعلمان باطل قولهما، ولو أن الزوج رماها بالزنى وهي تعلم كذبه فلاعن بينهما الإمام والتعنا وفرق بينهما الإمام وحرمها عليه للأبد فإنها لا تحرم عليه في النكاح لأن الزوج هاهنا راض بحكم السلطان وتحريمها عليه وإباحتها للأزواج.