اليوم أبناء سبيل يجوز لهم أخذ الزكاة لوجوب مواساتهم، وقد قال أشهب- في الذي انهارت بئره-: إن له أن يسقي بفضل ماء بئر جاره بثمن، إن كان له، وإن لم يكن له سقى بغير ثمن. فأسقط عنه الثمن إن لم يكن عنده مع كونه موسراً- بنصيبه الذي يسقيه- ولم يتبع بيسره، فالمسافرون أولى أن لا يتبعوا.
م: قال بعض فقهاء القرويين: وإنما كانت الديات على عواقل المانعين إذا مات المسافرون عطشاً؛ لأنهم لم يقصدوا قتلهم، وإنما تأولوا أن لهم منع مائهم، وهذا أمر يخفى على الناس، وأما لو قصدوا إلى منعهم من الشرب بعد علمهم أن ذلك لا يحل لهم، وأنهم متى لم يسقوهم ماتوا، لأمكن أن يقتلوا بهم وإن لم يلوا القتل بأيديهم، وقد اختلف فيمن تعمد الزور في شهادته حتى قتل بها المشهود عليه: فقيل يقتل، وفي المدونة لا يقتل.
[المسألة الثالثة: في توجيه معنى حديث "لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ ... "]
ومن حريم البئر قيل: فالحديث الذي جاء ((لا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ والناس فيه شركاء)) هل كان لا يعرف مالك أو كان يأخذ به؟ قال: سمعت مالكاً يقول: لا بأس أن يمنع الرجل كلاء أرضه إذا احتاج إليه، وإن لم يحتج إليه فليخل بين الناس وبينه. قيل: فالحديث الذي جاء ((لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ))؟ قال: ما أحسب ذلك إلا في الصحاري والبراري وأما في القرى والأرض المحجورة