م: وهذا الذي ذكر في الفساد الكثير في الثوب أنه يأخذه وما نقصه بعد الرفو خلاف ظاهر قولهم؛ ووجه فساده أنه قد يغرم في رفو الثوب أكثر من قيمته صحيحاً، وذلك لا يلزمه، أولا ترى أن أشهب وغيره يقول: ليس له أن يغرمه ما نقصه إذا كان له أن يغرمه قيمته صحيحاً، وهو القياس، فكيف لمن يريد أن يغرمه ما نقصه بعد الرفو، وربما يبلغ ذلك أضعاف قيمته.
م قيل: فلو هلك بقية الأجزاء في الفساد الكثير، هل يكون ضامناً بجملة المجني عليه؟ فالأشبه أن يضمن ذلك؛ لأنه قد أفسد الرقبة فصار ضامناً لها حتى يرفع ربها عنه الضمان باختياره، كما قالوا في الأمة بين الشريكين يطؤها أحدهما فتموت: إنه ضامن لها، وهذا أبين لإمكان أن تكون حاملاً من الوطء؛ ولأنه إذا وطئها تعلقت بضمانه حتى تظهر براءة رحمها.
م: ولو قال قائل في اليسير إنما عليه ما نقصه فقط لم أعبه؛ لأنه إذا أعطاه ما نقصه القطع دخل الرفو في قيمة هذا النقص؛ كما قالوا: فيمن وجد آبقاً- وذلك شأنه- أن له جعل مثله، ولا نفقة له؛ لأن النفقة دخلت في تقويم جعله.
قال ابن المواز: في المتعدي يفسد الثوب فساداً يسيراً، لا يلزمه إلا ما نقصه بعد رفو ولم يختلف في هذا قول مالك، ولا ابن القاسم، ولا أشهب كانت جنايته عمداً أو خطأً.
قال ابن القاسم: وأما في الفساد الكثير فربه مخير في أخذ قيمة جميعه يوم الجناية، أو بأخذه وما نقصه وإلى هذا رجع مالك.