بالمسافة تعدياً بعيداً، أو يحبسها أياماً كثيرة ولم يركبها، ثم يردها بحالها فربها مخير في أخذ قيمتها يوم التعدي، أو يأخذها مع كراء حبسه إياها بعد المسافة، وله في الوجهين على المكتري الكراء الأول، والغاصب والسارق ليس عليه في مثل هذا قيمةٌ ولا كراءٌ إذا ردها بحالها.
قال [٤٦/أ] ابن القاسم: ولولا ما قاله مالك لجعلت على الغاصب والسارق كراء ركوبه إياها، وأضمنه قيمتها إذا حبسها عن أسواقها؛ كالمكتري، ولكن آخذ فيها بقول مالك، ولقد قال جُلّ الناس: إن الغاصب والسارق والمكتري والمستعير بمنزلةٍ واحدةٍ، ولا كراء عليهم وليس عليهم إلا القيمة، أو يأخذ دابته.
م وقد ذكرت الفرق بين المستعير والمكتري، وبين الغاصب لسحنون وابن المواز.
وقال بعض المتأخرين من أصحابنا: إن الفرق بين الغاصب وبين المستعير والمكتري، أن المستعير والمكتري إنما تعدوا على المنافع لا على الرقاب، فغرما كراء ما تعديا عليه من تلك المنافع، والغاصب إنما قصد غصب الرقاب وقد كانت في ضمانه، وإن أصابها شيءٌ من أمر الله تعالى ضمنها، فوجب أن يكون له غلتها؛ لأنها متولدة عن فعله وعما في ضمانه، ولو قصد إلى غصب المنافع خاصةً مثل أن يريد دابة يركبها إلى موضع كذا فيأخذها غصباً لذلك، لكان عليه كراؤها بلا اختلاف من قول ابن القاسم، ويصير كالمستعير والمكتري، وإنما فرق بينهما لاختلاف السؤال، وإذا اتفقا كانوا سواء.