[(٢) فصل: في شهادة رسولك بأن ما أرسلته معه من مال لرجل إنما هو صدقة عليه]
ومن كتاب الوديعة قال مالك: وإن بعثت إلى رجلٍ بمالٍ، فقال: تصدقت به عليّ، وصدقه الرسول، وأنت منكرٌ للصدقة - وتقول: بل هو إيداعٌ - فالرسول شاهدٌ، يحلف معه المبعوث إليه ويكون المال صدقة عليه، قيل لمالك: فكيف يحلف ولم يحضر؟ قال: كما يحلف الصبي إذا كبر مع شاهده في دين أبيه.
محمد - وقاله عبد الله بن عبد الحكم -: وهو أحب ما سمعت فيها إليّ؛ لأن الرسول لم يتعد في الدفع؛ لإقرار ربها أنه أمره بذلك، فشهادته جائزةٌ، وكذلك إن كان للرسول بينةٌ على دفعه.
وقال أشهب في كتبه: لا تجوز شهادة الرسول؛ لأنه يدفع عن نفسه الضمان.
قال أبو محمد: يريد أشهب أن المتصدق عليه عديمٌ، وقد أتلف المال ولا بية للرسول على الدفع، فأما وهو مليءٌ حاضرٌ، فشهادة الرسول جائزةٌ مع يمين المشهود له، وكذلك إن قامت للرسول بينةٌ بالدفع في عدم المشهود له.
م: وعلى هذا التأويل يكون قول أشهب وفاقاً لابن القاسم: وكذلك [٥٩/ب] علل محمد قول ابن القاسم، وعلل غيره قول أشهب أنه إنما لم تجز شهادته؛ لأنه دفع دفعاً لم يؤمر به، وذلك أن الآمر إنما أمره أن يدفع على جهة الإيداع، فدفع هو على جهة التمليك، فلا تجوز شهادته، ولا يؤخذ الآمر بغير ما أقر به من الدفع، قال: وابن القاسم إنما أجاز شهادته؛ لأنه أذن له