[المسألة الثانية: في اختلاف المعير والمستعير على الحد الذي أعاره الدابة إليه]
قال ابن القاسم: ووجدت في مسائل عبد الرحيم أن مالكاً قال: فيمن استعار دابةً فركبها إلى موضعٍ، فلما رجع زعم أنه أعارها إياه إلى دون ما ركبها إليه أو إلى بلدٍ آخر، فالقول قول المستعير إن ادعى ما يشبه مع يمينه.
وكذلك في سماع ابن القاسم نصاً سواءً، قال فيه ابن القاسم: وذلك إذا ركب ورجع، وإن لم يركب بعد؛ فالمعير مصدقٌ مع يمينه؛ وكمن أسكنته داراً أو أخدمته عبداً، فبعد سنةٍ قال هو: المدة سنة، وقلت أنت: ستة أشهر، فهو مصدقٌ عليك مع يمينه، إلا أن يدعي ما لا يشبه، ولو لم يقبض المسكن ولا العبد، فأنت مصدقٌ مع يمينك.
م: وهذا من قوله يدل أن القول قوله في رفع الضمان والكراء؛ لأن مستعير الدار لو ثبت عداؤه بمجاوزة المدة التي استعارها إليها، فانهدمت الدار بأمرٍ من الله تعالى في تلك المدة لم يضمنها؛ لأنه إنما تعدى على السكنى، فلا يكون أسوأ حالاً من غاصب السكنى، فكيف بمن لم يثبت عداؤه؟ فإذا ثبت أنه لا يضمنها لم يبق إلا أن يكون القول قوله في السكنى ودفع الكراء.
وذكر أبو محمد في المختصر أن سحنوناً قال: القول قول المستعير فيما يشبه، يعني في الضمان لا في الكراء. [٦٤/أ].
وقال أشهب في كتبه: إن القول قول المستعير في رفع الضمان مع يمينه، والقول في الكراء قول رب الدابة مع يمينه، ويكون له فضل ما بين كراء الموضع الذي أقر المعير أنه أعاره إليه، وبين كراء الموضع الذي ركب إليه المستعير.