مات أيجوز ذلك في قول مالك؟ قال: نعم إذا كان الثلث يحمله؛ لأنها وصية، كأنه قال: إذا مت فحائطي على المساكين حبس تجرى عليهم غلتها؛ ولأن ما فعله في مرضه من بت صدقة أو بت عتق لا يُحتاج فيه إلى أن يُقبض؛ ولأنه لو قبض من يده كان موقوفًا لا يجوز لمن قبضه أكل غلته إن كانت له غلة، ولا أكله إن كان مما يؤكل حتى يموت فيكون في الثلث أو يصح فينفذ البتل كله إن كان لرجل بعينه، وإن كان للمساكين أو في السبيل أمر بإنفاذ ذلك كله، ولا يجوز من فعل الصحيح إلا ما قُبض وحيز قبل أن يموت أو يُفلس، وقد كان له قول في فعل المريض إذا كانت له أموال مأمونة أنه يتم بتله.
[المسألة الرابعة: فيمن حبس في صحته ما لا غلة له مثل السلاح والخيل ولم ينفذها ولا أخرجها من يده حتى مات]
ومن حبس في صحته ما لا غلة له مثل السلاح والخيل والرقيق وشبه ذلك فلم ينفذها ولا أخرجها من يده حتى مات فهي ميراث، وإن كان يخرجه في وجوهه وترجع إليه فهو نافذ من رأس ماله؛ لأنه خرج في وجهه، وإن أخرج بعضه وبقي بعضه فما أخرج فهو نافذ وما لم يخرج فهو ميراث.
قال أشهب في كتاب محمد والمجموعة: وما كان يرد إليه بعد القفول من العدو فيعلف من عنده الخيل، ويرم السلام وينتفع بذلك أيضًا هو في حوائجه ويعير ذلك لإخوانه ثم يموت، فإن ذلك ميراث؛ لأن المحبس إنما حاز لمنافعه.
[المسألة الخامسة: فيمن حبس في صحته أو تصدق به على المساكين فكان يكريه ويفرق غلته كل عام عليهم ولم يخرجه من يده حتى مات]
ومن المدونة قال مالك: وما حبس في صحته أو تصدق به على المساكين من حائط أو دار أو شيء له غلة، فكان يكريه ويفرق غلته كل عام على المساكين ولم يخرجه من يده حتى مات لم يجز ذلك؛ لأن هذا غير وصية إلا أن يخرج ذلك من يده قبل موته أو يوصي بإنفاذه في مرضه لغير وارث فينفذ من