قال سحنون في المجموعة: إذا أوصى بغلة ثلث حمامه للمساكين, ثم أراد
الورثة قسمته, فليس ذلك لهم وإن كان الحمام يخرج من الثلث, ويبقى موقوفاً كله
مثل مالا ينقسم من العبيد والحيوان؛ لأن الميت أولى بثلثه من الورثة,
وإن لم يحمله الثلث خير الورثة: فإما أوقفوه كله, وإلا قطعوا له بثلث مال الميت
للمساكين.
قال أبو محمد: إنما قال سحنون: هذا في الحمام؛ لأنه لا ينقسم, فلابد أن
يبقى جميعه موقوفاً, ولو كان داراً يحملها القسمة لافترق قوله: ثلث غلة داري, من
قوله غلة ثلث داري؛ كما ذكر أشهب في الحائط.
قال أشهب: وإذا أوصى حائطه التي فيه الآن لرجل, وبغلته فيما
يُستقبل لآخر حياته, فإن خرج من الثلث فذلك جائز لهما أُبرت الثمرة أو لم تؤبر
أو طابت, فإن لم يخرج من الثلث أو لم يترك غيره نظرت, فإن طابت الثمرة
أو أُبرت قُومت, وقومت الغلة حياة الآخر, فإن كانت قيمتها سواء, فلصاحب
هذه الثمرة نصف الثلث في تلك الثمرة بعينها, وللآخر نصف الثلث يكون
به شريكاً للورثة في جميع التركة, وإن لم تؤبر الثمرة كان ثلث التركة بينهما بتلاً
بقدر قيمة وصاياهما, إن لم يجز الورثة.
تم كتاب الوصايا الثاني بحمد الله وعونه.