وقد روى ابنُ وهب في الأخوال مثلَ رواية ابن القاسم. إلا أن قول عبد الرحمن في هذه المسألة أحسنُ, وكذلك يقولُ غيره, وليس وصيتُه لأخواله بشيء ناجز يقتسمونه بينهم كوصيته لهم بغَلةٍ موقوفةٍ محبسة عليهم؛ لأن الحبس إنما قسمَتُهُ إذا حضرت الغلة كل عام, وإنما أُريد بذلك مجهولُ مَن يأتي, فأما وصيتُه لأخواله أو ولد فلان بشيءٍ ناجزٍ يقسم مكانَه وهم معروفُون لقلتهم وأنه يحاطُ بهم فكالوصية لقوم مُسَمين بأعيانهم, وإذا كانت الوصيةُ لقوم مجهولين لا يُعرَفُ عدُدُهم لكثرتهم مثلُ قوله: لبني تميم أو لبني زهرة أو للمساكين, فهذا لم يرد قوماً بأعيانهم؛ لأنَّ ذلك لا يُحصَى ولا يُعرَفُ, وإنما يكون لَمن خَضَرَ القسم.
م: ألزم سحنون ابنَ القاسم التناقض بقوله: وأما الوصايا فإنها تُقسم عليهم بالسواء.
م: وليس ذلك تناقضاً ولا خلافاً لما تقدم, وإنما تكلم في هذه المسألة على الفراق [١٤٧/ب] بين الحبس والوصَايا, فقال: الحبسُ يُؤثَر فيه أهل الحاجة -ذلك سنته- والوصَايا يساوَى بينهم فيها إذا حضرت القسمةُ؛ لأنهم استَوَوْاَ في الوصية, وهو شَيء ناجزٌ يقسم بينهم, ولم يتكلم في هذه المسألة, هل يُحرَمُ مَن مات ويُعطَى لمَن وُلد! ومذهب ابن القاسم جيد مع موافقته لمالك رحمهما الله؛ وذلك أن قولَه: ثُلُثي لولد فلانٍ ليس بتعيين للولد, فما وقعَ عليه ذلك الاسمُ يوم القسم فله الوصيةُ؛ كقوله رقيقي أحرارٌ أو عبيدي أحرارٌ, فمات بعضُهم واشترى غيرهم إن جميعَ مَن تُركَ منَ العبيد أحرارٌ إذا حملهم الثلُث؛ لأنه لم يعيَّن, فراعيتُ قولَ الموصي يوم موته, فما وقع عليه اسمُ عبدٍ أعتَقه, وكذلك ما وقع عليه اسمُ ولدٍ, أو خالٍ يوم موتِ الموصي, فله الوصيةُ.