قال: وإن سكن ربها هذه الدارَ وهو الموصى, فإن أشغل أكثَرَها وقد أسكن معه غيره, فالوصيةُ لمن كان خارجاً عنها لا لمَن فيها, وإن كان إنما سكن أقلَّها فهو كالمكتري, فالوصيةُ لمن في الدار خاصةً ولو اشغَلَها كُلِّها بالكراء ثم أوصىَ لجيرانه, فالوصيةُ للخارجينَ منها من جيرَانه. وقال مثلَه كلَّهُ سحنون في كتاب ابنه.
قال عبدُ الملك: وجوارُ البادية أوسعُ من هذا وأشدُّ تراخياً, ورُبَّ جارٍ وهو على أميالٍ إذا لم يكن دونه جيرانً إذا جمعهم الماءُ في المَورد والمسرَح للماشية, وبقدر ما ينزل, ويُجَتَهَدُ في ذلك.
قال ابنُ سحنون عن أبيه: كُلُّ قريةٍ صغيرةٍ ليس لها اتصالٌ في البناء والكبر والحارات فهم جيرانٌ, وإن كانت كبيرةً كثيرةَ البُنيَانِ كقلشانة فهي كالمدينة في الجوار.
قال عبدُ الملك: وإذا أوصى لجيرانه, فإنما يُعطَى الجارُ الذي له المسكنُ وزوجتُه وولدُه الكبيرُ البائنُ عنه بنفقته, ولا يُعطى الصغيرُ ولا ابنتُه البكرُ ولا خَدَمُه ولا ضيفٌ ينزل به إلا أن يَنُصهُم, وأما الجارُ المملوكُ فمَن كان يسكنُ بيتاً على حدة, فَليُعطَ كان سيده جاراً أو لم يكُن.
وقال ابنُ سحنون عن أبيه: يُعطَى ولدُه الأصاغرُ, وأبكارُ بناته ويدخلُونَ في الاجتهاد إن شاءَ الله.