للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صلى الله عليه وسلم: قال أخي موسى: يا رب أرني الذي كنت أريتني في السفينة؟ فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتاه الخضر وهو طيب الريح شديد بياض الثياب مشمرها، فقال: السلام عليك يا موسى ورحمة الله، إن ربك يقرأ عليك السلام، فقال موسى عليه السلام: هو السلام ومنه السلام وعليك السلام، الحمد لله الذي لا أحصي عدد نعمه، ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته.

ثم قال: أوصني بوصية ينفعني الله بها بعد ذلك.

فقال: يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم، واعرف أن قلبك وعاء، فانظر ما تحشوا في وعائك، واهرب من الدنيا وانبذها وراءك، فإنها ليست بدار ولا لك فيها محل قرار، وإنما جعلت بلغة للعباد ليتزودا منها للمعاد، يا موسى وطن نفسك على الصبر تلقى الحكم، وأتبع قلبك إلى التقوى تنل العلم، روض نفسك على الصبر تخلص من الإثم، تفرغ للعلم إن كنت تريده، فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكن مكثارا بالنطق مهدارا، فإن كثرة النطق تشين العلماء، وتبدي مساوئ السخفاء، وعليك بالاقتصاد فإنه من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجهال، واحلم عن السفهاء، فإن ذلك فعل الحكماء ورأي

<<  <  ج: ص:  >  >>