وأقام الرسول عليه السلام بعدهم ينتظر: أيأذن الله عز وجل له في الهجرة، ولم يتخلف معه أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن إلا أبو بكر وعلي رضي الله عنهما، فكلما استأذن أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة قال:"لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبا"، فرجا أبو بكر أن يكون هو، فابتاع راحلتين وأعدهما لذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخطئه أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار.
فلما كان يوم أذن الله عز وجل له في الهجرة أتى أبا بكر بالهاجرة، فلما رآه أبو بكر قال: ما جاء في هذه الساعة إلا لأمر حدث، فلما دخل تأخر له عن سريره فجلس فأعلمه صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل قد أذن له في الهجرة، فقال له أبو بكر: الصحبة يا رسول الله، قال:"الصحبة" فبكى أبو بكر رضي الله عنه فرحا، وأعلمه استعداده للراحلتين فبعثهما مع عبد الله بن أرقط يرعاهما، ولم يعلم حينئذ بالهجرة إلا أبو بكر وعلي.