اعلم أن خفض الصوت وسكون الريح ومشي القصد من دواعي المودة إذا لم يخالط ذلك زهو ولا عجب، فإن آثرت أن يخالط ذلك شيء من الزهو والعجب كان ذلك من دواعي المقت والمشنآن.
وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام؛ فإن حسن الاستماع إمهال المتكلم حتى ينقضي حديثه، وقلة التفلت إلى الجواب، والإقبال بالوجه والنظر إلى المتكلم والوعي لما يقول.
اعلم أن المستشار ليس بكفيل؛ فإن الرأي ليس بمضمون لي هو كله عذر؛ لأن أمور الدنيا ليس شيء منها يدركه الحازم إلا وقد يدركه العاجز، فإذا أشار عليك صاحبك برأي فلم تجد عاقبته على ما كنت تأمل فلا تجعل ذلك عليه لوما وعذابا، فتقول: أنت فعلت هذا، أو أنت أمرتني ولولاك، فإنه كله عجز ولوم، وإن كنت أنت المشير برأيك فوافق صوابا أو خطأ فلا تمنن له ولا تكثرن ذكره إن كان فيه نجاح، ولا تلمه عليه إن كان استبان في تركه ضرر،