بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
هناك نقطتان، النقطة الأولى: تتعلق بمسألة التداوي هل هو واجب أو جائز؟ أنا أميل في الحقيقة إلى أنه واجب إذا كان المرض مرضًا قد يؤدي إلى هلاك أو إلى شديد أذى، وهذا طبقًا للأصول العامة التي تحكم هذه القضية، فالله سبحانه وتعالى يقول:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} . [البقرة: ١٩٥] . ويقوم جل وعلا:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} . [النساء: ٢٩]
وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل الذي سأل الناس وقالوا له: لا بد أن يتوضأ لا بد أن يستعمل الماء فاستعمله فمات، قال:((قتلوه قاتلهم الله فهلا سألوا إن جهلوا إنما دواء العي السؤال)) ... شدد في أمر هذا الرجل في الوضوء وفي الغسل في حالة تؤدي إلى موته، كل الأصول العامة في الشرع يفهم منها وجوب المحافظة على النفس، ووجوب المحافظة على الأعضاء ولأجل ذلك أوجب الله سبحانه وتعالى أكل الميتة للمضطر، والرخصة قد تصل إلى الوجوب، وهذا يدل على المحافظة على النفس، إذن الأصول العامة كلها تدل على الوجوب إذا كان التداوي مأمون العاقبة، وأيضًا مضمونًا ظنًّا قويًّا، فهنا يجب التداوي بلا شك، ويجب حمل كل الآثار وكل الأخبار التي وردت بسوى ذلك على أنها إما أن تكون قضايا عينية، وإما أنها تحض على التوكل على الله - سبحانه وتعالى - بالقلب، والتوكل - كما يقول أبو حامد الغزالي - هو فعل قلبي هو حالة نفسية، وليس معنى التوكل كما يقول: أن يكون الإنسان خرقة في مهب الرياح أو لحمًا على وضن، ليس هذا هو التوكل، فإن هذا المقام الجليل لا يحصل بمراغمة أمر الله - سبحانه وتعالى - فالله - سبحانه وتعالى - أمر بالعمل وكيف يطلب الولد من لم يتزوج؟ وكيف يطلب الحصاد من لم يبذر؟ كل هذا يدل على أن العمل واجب وأن العلاج واجب.
هذه القضية أعتقد أن الأولى أن نقول فيها بالوجوب، إذا كان المرض شديدًا يخاف على المرء من ذهاب النفس أو ذهاب عضو أو تلف وظيفة من وظائف الأعضاء، يعني إذا كان في مرتبة الضرورات.