للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم هذا النوع هو إباحة ارتكاب الشخص لهذا الفعل الممنوع (الفعل الممنوع في مثالنا هو الفطر في رمضان) لكن إذا لم يتضرر الشخص بالصوم، فالأولى في حقه الأخذ بالعزيمة، وإذا تضرر فالأولى هو الأخذ بالرخصة. أما إذا علم الشخص أن الصوم سيؤدي به إلى الهلاك ومع ذلك أصر على الصوم ولم يأخذ بالرخصة ومات نتيجة ذلك فإنه يكون آثمًا. في هذه الحالة بخلاف الأمثلة التي في النوع الأول، لا يمكن القول بأن الشخص يختار القيام بواجب العبودية لله سبحانه وتعالى لأن الله سبحانه وتعالى قد أجل واجبه هذا إلى وقت قادم. فذلك الشخص يكون قد ابتدع هذا الواجب بنفسه. فهذا التصرف شبيه بقتل الشخص لنفسه أثناء القتال مع العدو.

النوع الثالث: إباحة تصرف بسبب عدم وجود الدليل المقتضي للحرمة وبسبب ارتفاع حكم الحرمة عن ذلك التصرف.

إن إباحة الأفعال التي كانت ممنوعة في الشرائع السابقة كالمحافظة على العضو الذي به ارتكب الإثم وعدم قطعه ولبس الملابس المتنجسة بعد غسلها بسبب نسخ هذه الأحكام الشاقة من مثل قطع العضو الذي ارتكب به الإثم وقص الجزء المتنجس من اللباس في الشريعة الإسلامية تعد أمثلة لهذا النوع من الرخصة.

هذه الأحكام التي تعد من الرخص من ناحية التأكيد على التيسير المراعي للأمة الإسلامية تشكل أحق الأنواع بالتسمية بالرخصة المجازية، حكم هذا النوع هو الأخذ بما يوصف به رخصة لعدم وجود حكم عزيمة يقابل هذا النوع من الرخصة أصلاً.

النوع الرابع: إباحة تصرف تعلق به حكم الحرمة بسبب خروج الدليل عن كونه مقتضيًا لحكم الحرمة مع بقاء حكم الحرمة مشروعًا في الجملة.

يشكل إباحة عقد السلم مع تحريم بيع المعدوم وجواز أكل وشرب المحرم في حالة الاضطرار أمثلة على هذا النوع من الرخصة.

في هذا النوع الذي يشكل الدرجة الثانية من الرخصة المجازية على ما يقول المؤلفون الأحناف، ليس من الصعب أن نفهم وصف السلم وما يشبهه من الأمثلة على أنها رخصة مجازية؛ إلا أن عد أكل الشخص المضطر وشربه الأطعمة المحرمة من نوع الرخصة المجازية يمكن أن يجرنا إلى نوع من التساؤل.

<<  <  ج: ص:  >  >>