للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإيضاح ذلك كالآتي: في رأي أكثر الأحناف: الأكل والشرب من الطعام المحرم في حالات الاضطرار ليس حرامًا بل هو مباح أي أن حكم الحرمة يعتبر ساقطًا. لأن الآية الكريمة تقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} . إذن حرمة الأشياء التي أخبرنا الشرع بحرمتها إنما تكون في الحالات التي لا يوجد فيها اضطرار. أما في حالة الاضطرار فتكون هذه الأشياء مباحة. وهذه الإباحة من الممكن إيضاحها من وجهين:

أ) عملاً بقاعدة الأصل في الأشياء الإباحة. (عند من يقول بمبدأ الإباحة الأصلية) .

ب) القول بأن حكم الإباحة في حالة الاضطرار أفادته الآية الكريمة بطريق الاستثناء من حكم التحريم (وهذا عند من يقول بأنه لا يمكن العلم بحل شيء أو حرمته إلا بتوقيف من الشرع) (يجب أن نبين أن المؤلفين تنبهوا إلى أنه يمكن أن يوجه اعتراض بأنه يلزم على هذا، القول بإباحة الكفر في قوله تعالى " إلا من أكره " وأجابوا عن ذلك الاعتراض بأن الاستثناء في هذه الآية ليس استثناء من حكم التحريم وإنما هو استثناء من " الغضب") .

يعتبر قصر المسافر الصلاة الرباعية عند الأحناف داخلاً في هذا النوع من الرخص.

ب) الرخصة من حيث إفادتها إباحة الفعل أو المنع من الفعل:

تنقسم أحكام الرخصة من هذه الحيثية إلى قسمين هما رخصة الفعل ورخصة الترك.

١- رخصة الفعل: إذا كان حكم العزيمة الذي يقابل الرخصة مقتضيًا المنع من الفعل وكانت الرخصة مبيحة لارتكاب هذا الفعل الممنوع سميت هذه الحالات برخصة الفعل. فمثلاً الرخصة المبيحة للتلفظ بكلمة الكفر والرخصة المبيحة لأكل لحم الخنزير في بعض الحالات مع كون هذه التصرفات محرمة في الحالات الأخرى تعد من هذا القسم.

٢- رخصة الترك: إذا كان حكم العزيمة الذي يقابل الرخصة مقتضيًا للقيام بفعل والرخصة تبيح ترك ذلك الفعل الذي يجب القيام به سميت هذه الحالات برخصة الترك. فمثلاً الرخصة المبيحة للفطر في حالة السفر (وقضاء الصوم في أيام أخر) والرخصة المبيحة لقصر الصلاة الرباعية مع فرضية الصوم في رمضان وفرضية إتمام الصلاة الرباعية في الحضر تعد من هذا النوع. (قد أشرنا أعلاه إلى أن وصف الأحناف لقصر الصلوات الرباعية في السفر بأنها رخصة مجازًا والقصر في هذه الحالة إنما هو واجب لا مباح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>