للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل أن نختم هذا العنوان نريد أن نشير إلى تقسيم ذكره محمد الطاهر بن عاشور بشأن العلاقة بين العزيمة والرخصة حيث قام ابن عاشور بتقسيم الضرورة إلى هذا التقسيم الثلاثي (١) :

١- ضرورة خاصة مؤقتة: أي حالات الرخصة التي يدرسها الفقهاء والأصوليون.

٢- ضرورة عامة مطردة: أي حالات الضرورة والحاجة التي تحمل صفتي العموم والاطراد (مثل حالة تجويز عقد السلم) .

٣- ضرورة عامة مؤقتة: أي حالات الضرورة والحاجة المؤقتة والتي لها صفة العموم. ويشكو ابن عاشور من عدم الاهتمام بهذا القسم الثالث أنه وإن كان من الممكن عند التحقيق اعتبار الأمثلة التي ذكرها هنا داخلاً في القسم الثاني (بالاستفادة من مناهج الاستحسان والاستصلاح) فإننا نرى أن لهذا التقسيم أهمية كبيرة وأن مؤسسات الإفتاء يجب عليها القيام بتحديد الضرورات في هذا الإطار وبإنارة الطريق أمام المجتمعات المسلمة.

٤- حكم الرخصة

يرى جمهور الفقهاء أن في حالة الاضطرار يصبح ارتكاب بعض الأفعال المحرمة (مثل أكل لحم الخنزير) واجبًا. مع هذا فإن هناك فريق من هؤلاء العلماء يعتبر هذه الرخصة رخصة إسقاط وإن تسميته بالرخصة من باب المجاز وليس من باب الحقيقة. فعلى هذا الرأي يكون ارتكاب ذلك الفعل من العزيمة أساسًا. أما إذا تناولنا القضية من وجهة نظر العلماء القائلة باعتبار هذه الحالات من الرخصة فإن حكم الرخصة يكون واجبًا في بعض الأحوال. إذا صرفنا النظر عن هذه الحالات ونظرنا إلى الرخصة على إطلاقها دون بحث لخصوصيات كل مسألة على حدة وكذلك دون بحث لحالة كل مكلف على حدة فإن القاعدة أن حكم الرخصة هي الإباحة. أي أنه إذا تحققت شروط الرخصة (أي في حالة وجود عذر يعتبره الشارع مسوغًا لترك العزيمة) فإنه يصبح ارتكاب فعل يحرم ارتكابه في الأحوال العادية مباحًا وكذلك يصبح أداء فعل يجب فعله في الأحوال العادية مباحًا. وفي هذه الحالة فإنه يكون من الأولى إذا تحققت شروط الرخصة إباحة ارتكاب فعل يكره ارتكابه في الأحوال العادية وكذلك إباحة ترك فعل يندب فعله في الأحوال العادية.


(١) ابن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية، ص: ٩٠ – ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>