للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- عرف فقهاء المسلمين الجريمة بأنها: (محظور بالشرع زجر الله عنها بحد، أو: تعزير) . وذهب جمهور هؤلاء الفقهاء إلى أن التعزير مشروع في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة.

فما هي (المعصية) ؟

اتفق الفقهاء على أن ترك الواجب، وفعل المحرم؛ معصية فيها التعزير، إذا لم تكن هناك عقوبة مقدرة (١) .

وضربوا الأمثلة لترك الواجب: بمنع أداء الزكاة، وترك الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها، وخيانة الأمانة.

وضربوا الأمثلة لفعل المحرم، بالخلوة بالأجنبية، وتقبيلها، واليمين الغموس، وشهادة الزور، والتستر على المجرمين وإيوائهم.

ترك المندوب وفعل المكروه:

وإذا كان ترك الواجب، وفعل المحرم معصية تستوجب التعزير، إذا لم يكن هناك تقدير للعقوبة.

فما هو الحكم إذا كان الأمر مقصوراً على ترك المندوب أو فعل المحرم، أو بعبارة أخرى: هل يعزر تارك المندوب، وفاعل المكروه؟

لم يتفق الفقهاء في هذه المسألة، ففريق يرى جواز التعزير، وفريق لا يرى الجواز.

فمن قال بعدم الجواز استند على أن التعزير لا يجوز إلا إذا كان هناك تكاليف، وهنا في هذه المسألة، ليس التكليف موجوداً في حالة الندب أو الكراهة، ومن قالوا بالتعزير استدلوا بفعل عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فقد عزر رجلاً أضجع شاة ليذبحها وأخذ يسن السكين والشاة تنظر إليه، ولما كان مثل هذا الفعل الذي أتاه هذا الرجل يعتبر مكروهاً فقد قالوا بجواز التعزير على فعله المكروه، ومثله (ترك المندوب) (٢) .


(١) السياسة الشرعية (ص ٥٥) ، والحسية في الإسلام (ص٣٨) لابن تيمية، والأحكام السلطانية للماوردي (ص ٢١٠ وما بعدها) ؛ والأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص ٢٤٤ وما بعدها) ، وغيرها
(٢) راجع المستصفى للغزالي (١/ ٧٥- ٧٦) ، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ٦٠ وما بعدها) ، ومواهب الجليل (٦/ ٣٣٠) وغيرها

<<  <  ج: ص:  >  >>