للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب المسؤولية ودرجاتها:

السبب هو ما جعله الشارع علامة على مسببه، وربط وجود المسبب بوجوده وعدمه بعدمه، بحيث يلزم في وجود السبب وجود المسبب ومن عدمه عدمه. (١)

والشرط هو ما يتوقف وجود الحكم الشرعي على وجوده، ويلزم من عدمه عدم الحكم. (٢)

وسبب المسؤولية الجنائية ارتكاب المعاصي؛ أي: إتيان المحرمات التي حرمتها الشريعة، وترك الواجبات التي أوجبتها، وإذا كان الشارع قد جعل ارتكاب المعاصي سبباً للمسؤولية الجنائية، إلا أنه جعل الوجود الشرعي للمسؤولية موقوفاً على توفر شرطين لا يغني أحدهما عن الآخر وهما:

أ- الإدراك.

ب- الاختيار.

فإذا انعدم أحد هذين الشرطين، انعدمت المسؤولية الجنائية، وإذا وجد الشرطان معاً، وجدت المسؤولية.

فالسرقة معصية حرمها الشارع، وجعل القطع عقوبة لفاعلها، فمن سرق مالاً من آخر فقد جاء بفعل هو سبب للمسؤولية الجنائية، ولكنه لا يسأل شرعاً إلا إذا وجد فيه شرطا المسؤولية وهما: الإدراك والاختيار، فإن كان غير مدرك كمجنون مثلاً، فلا مسؤولية عليه، وإن كان مدركاً ولكنه غير مختار فلا مسؤولية عليه أيضاً.

والعصيان في الشريعة يقابل الخطأ والخطيئة La Faute في تعبير القوانين الوضعية، ولكن التعبير بالعصيان أدق في دلالته على المعنى المقصود، وهو مخالفة أمر الشارع من التعبير بالخطأ والخطيئة. (٣)

رأينا فيما سبق أن الوجود الشرعي للمسؤولية يتوقف على وجود العصيان، فمن الطبيعي إذن أن تكون درجات المسؤولية تابعة لدرجات العصيان.


(١) أصول الفقه للأستاذ عبد الوهاب خلاف، ص ٥١
(٢) أصول الفقه للأستاذ عبد الوهاب خلاف، ص ٩٠
(٣) التشريع الجنائي في الإسلام، عبد القادر عودة

<<  <  ج: ص:  >  >>