للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومشاقة الرسول أن يأخذ المتولي عن المنهج الرباني شقاً وجانباً وصفاً غير الشق، والجانب والصف الذي دعا إلى الالتزام به الرسول. فيكون بسلوكه هذا مناقضاً له، ومعارضاً لما جاء يحمله من عند الله من منهج كامل للحياة يشتمل على العقيدة وعلى الشعائر التعبدية، كما يشتمل على الشريعة والنظام الواقعي لجوانب الحياة البشرية كلها. (١)

وفي هذه المشاقة إزهاق لروح الإيمان، وتقويض لهيكل الدين، واختيار للضلالة، وإصرار على الانحراف، وعلى العدول عن الحق والهدى.

وقد أشارت دواوين السنة إلى ما توقع رسول الله صلى الله عليه وسلم حصوله بعد موته. فذكر ذلك البيهقي في دلائل النبوة (٢) وأخرج الأئمة في كتب الحديث ما رواه أبو رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: ((لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه)) . وقد روى هذا الحديث غير واحد من طرق متعددة: رواه مع أبي رافع المقدام بن معد يكرب، والعرباض بن سارية، وأبو هريرة، ومحمد بن المنكدر بألفاظ متقاربة يعضد بعضها بعضاً. (٣)

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر عنه وحذر منه، وصادف التخويف والتحذير محله في القرون الأولى بسبب ما كان من غفلة أو جهل، وظهرت طوائف في صدر الإسلام وبالخصوص في القرن الثاني، قامت على أساس عقدي أو سياسي أو مزيج منهما. وتفرعت عن قضية الإمامة، وعدالة الصحابي، ومشكلة الوضع، ونظرية التحسين والتقبيح عدة مذاهب واتجاهات مالت عن الحق والهدى، لهوى أو تعصب أو شبهات لم تقو على دفعها. وقد كان من بينها المعتزلة والزنادقة الذين وجدوا في أطراف البلاد وخاصة في المدن في زمن الأئمة الأربعة فمن بعدهم.


(١) سيد قطب. في ظلال القرآن: ٢/٧٥٩
(٢) البيهقي: ١/٢٤
(٣) حديث أبي رافع. ش. المسند، الاعتصام بالكتاب والسنة؛ د. كتاب السنة، باب لزوم السنة؛ ت. كتاب العلم، باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم؛ جه المقدمة، باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على من عارضه؛ حم؛ ك، الذهبي، المختصر. كتاب العلم؛ ابن وهب؛ الليث بن سعد؛ حديث المقدام؛ د، حم، ت، دي؛ حديث ابن المنكدر؛ ش، ت؛ حديث العرباض: د؛ حديث أبي هريرة: حم.

<<  <  ج: ص:  >  >>