للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفتنت المدنية الغربية وبخاصة الأمريكية قلوب هذه الفئة، فأصبحت تقارن بها كل ما تراه خيراً من أوضاع العالم الإسلامي وأحواله في القديم والحديث، كما تعتبرها معيار التقدم، فلا تتردد أن تقول في جرأة على لسان أحمد زكي أبو شادي: (ولذلك قلنا مراراً: إن مبادئ الإسلام نظرياً وعملياً هي أقرب ما تكون لمبادئ الحضارة الأمريكية والحياة الأمريكية تفكيراً وسلوكاً. فهل يتنبه المسلمون إلى هذه الحقيقة الراسخة فيفلحوا!) (١) وتقول أخرى على لسانه أيضاً وهو يتحدث عن الحرية والدفاع عنها: (وما الدفاع الذي تقوم به أمريكا على العالم الحر إلا صنو الدفاع الذي رفع لواءه محمد في قتاله الجبابرة المتقدمين) . (٢)

وبعد تصوير هذا التقارب أو التجانس قارنوا مقارنة ثانية بين حاضر الغرب وحاضر العالم الإسلامي، وبارتفاع شعورهم بالانهزام الفكري والعقلي أخذوا في تحقير علومهم وآدابهم، وفي التنكر للصفوة من علماء الإسلام ومفكريه. ثم بشكل إيحائي دعوا إلى الاعتبار بهذه الأوضاع وإلى وجوب التغيير قائلين: (ومع علم أولئك المستشرقين كعلم المستنيرين من المسلمين بأن الجمهرة من الأحاديث النبوية مختلقة اختلاق الإسناد نفسه الذي لم يكن معروفاً في فجر الإسلام، فإن حظهم هو التعلق بكل سخيف حقير منها) . (٣)

ثم يمضي في حقد وتهجم كأنه مدفوع أو موكل بنقض مصادر الثقافة الإسلامية، وما تركه المفسرون والمحدثون من آثار تشهد بأعمالهم وجهودهم واجتهاداتهم فيقول: (وأما التغني بأبي داود والترمذي والنسائي إلخ ... وترديد الأحاديث الملفقة التي لا تنسجم وتعاليم القرآن، وأما سوء تفسير آيات الكتاب العزيز، وأما الجهل بروح القرآن التي تشع من وراء هذه الآيات، وأما التنازل عن صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان فبمثابة الخيانة لرسالة الإسلام الخالدة) . (٤)


(١) ثورة الإسلام: ٥٧
(٢) ثورة الإسلام: ٦١
(٣) ثورة الإسلام: ١٧
(٤) ثورة الإسلام: ٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>