للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تزوير الوضاعين فليس مقصوراً عليه، فقد زوروا على عمر وعلي وعائشة وابن عباس وابن عمر وجابر وأنس وغيرهم. فلا حجة فيه.

ولا تنال هذه الدعاوى من مكانة أبي هريرة رضي الله عنه فقد قال الشافعي: (أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره) (١) وقال البخاري: (روى عنه نحو الثمانمائة من أهل العلم، وكان أحفظ من روى الحديث في عصره) (٢)

وأما الأمر الثاني المتمثل في انتشار الرواية وكثرة ما يروى من الأحاديث. فهو حجر الزاوية عند بحث قضية الوضع لدى المتقدمين والمتأخرين جميعاً، وهو يضع أمامنا عند تتبع مقالة أحمد أمين عدة أسئلة، نقتصر على ثلاثة منها:

الأول: متى بدأ الوضع؟

الثاني: ما هو القول المعتمد بشأن أحاديث التفسير؟

والثالث: من أين جاءت هذه الأحاديث الكثيرة التي انتقى منها البخاري جامعه الصحيح؟

وهذه الأسئلة أو التساؤلات هي التي تكشف عن مكمن الخطأ وموضع الارتياب الذي يعالج به صاحب فجر الإسلام قضية الحديث والرواية.

فللإجابة عن السؤال الأول يقول المؤلف عن نشأة وضع الحديث: (ويظهر أن هذا الوضع حدث في عهد الرسول، فحديث ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) يغلب على الظن أنه إنما قيل لحادثة زور فيها على الرسول) (٣) وهذا الافتراض باطل من وجوه: أولها أن الوحي محفوظ مما قد يداخله أو يختلط به ما دام القرآن ينزل والرسول يبلغ. وقد تكفل الله تعالى لذلك بحماية دينه وسلامة أصول تشريعه من الكتاب والسنة.


(١) الرسالة: ٢٨١/٣٧٢
(٢) الذهبي. التذكرة: ١/٣٣
(٣) فجر الإسلام: ٢٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>