للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعمه أن نقد متون الحديث لم يحظ بكبير اهتمام من علماء السنة كالأسانيد، واقتراحه في هذا العرض وجوهاً وملاحظات لا بد من اعتبارها والالتفات إليها للوثوق بالأخبار تعوزه النظرة الفاحصة، والوقوف على ما كتبه علماء هذا الفن، والاستقراء لما اعتمده النقاد من أصول في علمي التجريح والتعديل، ولما وضعوه في كتب الحديث من قواعد. ولعل الذي حمله على سلوك هذا المنهج حرصه على بث الشك والريبة في قلوب قرائه وعقولهم، لذا أتبع مقالته تلك بأمثلة وشواهد من الأحاديث الصحيحة يعرضها على طريقته في النقد، للحمل على استنكارها وردها، توصلاً إلى هدفه وبلوغاً إلى مقصده من حديثه عن السنة.

وذهب أحمد أمين بعد ذلك بخيره وشره، وترك بمواقفه التي ألمعنا إليها وناقشناها القول في بعضها مدرسة تذهب مذهبه وتردد أقواله من أبرز أعلامها كاتبان:

أولهما د. إسماعيل أدهم الذي أحدث كتابة (تاريخ السنة) ضجة كبرى في الأوساط العلمية والإسلامية، وهو كتاب خطير كذب فيه أحاديث الكتب الصحاح، وتولى د. محمد مصطفى الأعظمي تعقب أقواله والرد عليه في كتابه دراسات في الحديث النبوي (١)

وثانيهما د. محمود أبو رية صاحب كتاب (أضواء على السنة المحمدية) ، وقد اشتهر أمره وكثر الحديث عنه، وقال عنه السباعي: (فلما اطلعت على كتابه هالني ما رأيت فيه من تحريف للحقائق، وتلاعب بالنصوص، وجهل بتاريخ السنة، وشتم وتحامل على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من كبارهم كأبي بكر وعمر وعثمان إلى صغارهم كأنس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما جميعاً، وقد امتلأ قلبه بالحقد على أكبر صحابي –هو أبو هريرة - حفظ سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ونقلها لأهل العلم من صحابة وتابعين حتى بلغوا كما قال الشافعي ثمانمائة، كل واحد منهم جبل من جبال العلم والفهم والهداية) (٢) .

وهو رغم فساد رأيه وخطره على المسلمين في دينهم وعلى الناشئة لم يأت بجديد، فهو يستقي أفكاره وآراءه من مواقف المتقدمين من الزنادقة والمعتزلة وأهل الأهواء، ويستمد اتجاهاته من مواقف المتأخرين من المستشرقين ومن تبعهم من دعاة التحرر من الدين والقول بالرأي فيه، ومن أجل ذلك فلسنا في حاجة إلى مناقشته، بعد كل ما تقدم، ولكننا نكتفي بعرض آرائه ملخصة لحصرها، وتبيين إضافاته لتقرير ما أوحي له بها منها.


(١) دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه: ٢٧
(٢) السباعي، السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي: ٤٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>